الإذاعتان الأميركية والبريطانية تلغيان حملة ترويجية لكاتب “تعاطف مع فلسطين”

DAY IN THE LIFE OF ABED SALAMA

ألغت وسائل إعلام أميركية وبريطانية بينها هيئة الإذاعة البريطانية بي.بي.سي والإذاعة الوطنية الأميركية إن.بي.آر، فعاليات مخصصة لكتاب للباحث الأميركي اليهودي ناثان ثرال بعد “إظهاره الدعم لفلسطين”، في غزة ضد عدوان الاحتلال، كما قال منتقدوه.

وأفاد ثرال أنه أُبلغ عن إلغاء كل الفعاليات الخاصة بكتابه :”يوم في حياة عابد سلامة: تشريح مأساة مقدسية”، الذي يتناول فيه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ككاتب يعيش في إسرائيل كما يعرف نفسه، واعتبر الإلغاء تحيزا واضحا لم يكن ليحدث “لو كان كتابه يدعم الاحتلال”.

وقال ثرال -الذي عمل لسنوات محللا في مجموعة الأزمات الدولية- في حوار مع صحيفة الغارديان، إن الإذاعتين الأميركية (إن بي آر) والبريطانية (بي بي سي) ألغتا الفعاليات المخصصة لنقاش الكتاب والترويج له، بسبب ما قالوا إنه من “شكاوى المستمعين”.

وأضاف ثرال أنهما رفضا تزويده بتلك الشكاوى، التي شكك بوجودها من الأصل، معلقًا بأنه لو كان الكتاب يدافع عن إسرائيل ما سحبت إعلاناته.

وعلق ثرال: “هناك مناخ غير متسامح على الإطلاق مع أي تعبير عن التعاطف مع الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال”.

Nathan Thrall من موقعه الالكتروني
ناثان ثرال مؤلف رواية “يوم في حياة عابد سلامة” (موقعه الإلكتروني)

“يوم في حياة عابد سلامة”

وتدور قصة العمل الأدبي حول شخصية الفلسطيني عابد سلامة، وعائلته في ضواحي القدس، وتتناول مجموعة متشابكة من أحداث الحياة والحب والعداوات والتاريخ في يوم مفجع واحد.

ابن عابد، ميلاد سلامة، البالغ من العمر 5 سنوات، كان متحمسا للخروج في رحلة مدرسية إلى حديقة ترفيهية في ضواحي القدس. ولكن في الطريق، اصطدمت الحافلة بنصف مقطورة على طريق سريع خارج القدس مما أدى لمقتل 6 أطفال ومعلم واحد، وسمع والده نبأ الحادث وهرع إلى المكان.

في موقع الحادث سادت الفوضى المكان، وبينما جرى نقل الأطفال إلى مستشفيات مختلفة في القدس والضفة الغربية فقد بعض الأطفال وبعض آخر لم يتم التعرف عليه. وينطلق الأب عابد المفجوع في ولده في رحلة طويلة لمعرفة مصير ابنه ميلاد.

وإذ يعيش الأب أسوأ كابوس ممكن لأي أب وأم، فإن الأمر يتفاقم بسبب متاهة العقبات الجسدية والعاطفية والبيروقراطية التي يجب عليه التغلب عليها فقط لأنه فلسطيني، فهو موجود على الجانب الخطأ من الجدار العازل، ويحمل بطاقة هوية غير صالحة لعبور الحواجز العسكرية، ويحمل أوراقًا لا تخوله بموجب الإجراءات الإسرائيلية للدخول إلى مدينة القدس.

ويتشابك سعي عابد للعثور على ميلاد مع قصص مجموعة من الشخصيات اليهودية والفلسطينية التي تتقارب حياتها وتاريخها بشكل غير متوقع، إذ ينفذ المؤلف من مأساة عابد سلامة ليروي قصصا أخرى منها قصة الجدار العازل، مسلطا الضوء على هيكل “النظام” القمعي الذي يحكم الفلسطينيين في الضفة الغربية.

في “يوم من حياة عابد سلامة” تتسرب السياسة إلى كل نواحي القصة، ويقدم ناثان ثرال، صورة إنسانية  للصراع في الأراضي المحتلة وفهمًا جديدًا للتاريخ المأساوي وواقع وجود دولة واحدة فقط تحرم الآخرين من حقوقهم.

تضامن

وعبر صحفيون وحقوقيون عن استيائهم من تلك المواقف الإعلامية، التي تنتصر للرواية الإسرائيلية وتسكت الأصوات الفلسطينية.

وعلق الرئيس السابق لهيومن رايتس ووتش كينيث روث:” هذا أمر مخزٍ، هذا كتاب رائع بقلم مراقب ذكي للغاية لإسرائيل وفلسطين ومكتوب بشكل جميل، وليس هناك ما يستحق تلك الرقابة من الجهات الإعلامية الرائدة”.

وكتبت مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بالأراضي الفلسطينية المحتلة  فرانشيسكا ألانيز: “إن الدور الذي لعبته بعض وسائل الإعلام والمؤسسات في هذه الأوقات المأساوية أمر مقلق، إن التحيز والتعصب الذي يسيطر على الأجواء العامة تذكير مأساوي لما أعقب أحداث 11 سبتمبر”.

واستنكرت الأستاذة بجامعة نيويورك أبيجيل بالبال هذا التصرف وعلقت: “هذا مجنون ولكن ليس مفاجئًا، إذا ألغي فعاليات لكتاب مؤلف أميركي يهودي يعيش في إسرائيل لأنه يُنظر إليه على أنه متعاطف جدًا مع الفلسطينيين، فماذا سيحدث للمؤلفين العرب أو المسلمين”.

 

ويأتي إلغاء فعاليات ثرال ضمن الكثير من الفعاليات المخصصة للحديث عن الثقافة الفلسطينية ألغتها المنظمات العالمية خلال الفترة الأخيرة أبرزها إلغاء معرض فرانكفورت للكتاب فعالية تكريم الكاتبة الفلسطينية عدينة شبلي -المقيمة في برلين-، بعد أن فازت بجائزة أدبية تمنحها الجمعية الأدبية الألمانية “ليتبروم” عن روايتها “تفصيل ثانوي” (2017)

واحتج أكثر من 600 كاتب على إلغاء الفعالية في عريضة وقعها 3 فائزين بجائزة نوبل في الأدب، هم الفرنسية الفائزة بالجائزة عام 2022 آني إرنو، والفائز البريطاني من أصل تنزاني عام 2021 عبد الرزاق غرنة، والفائزة البولندية عام 2018 أولغا توكارتشوك، إضافة إلى مجموعة مرموقة من الناشرين والمترجمين.

وجاءت الرواية في قالب درامي ولا تشمل تفاصيل سياسية مباشرة، وتدور في زمنين منفصلين حيث تحكي قصة فتاة فلسطينية من النقب يغتصبها جنود إسرائيليون بعد عام واحد من النكبة الفلسطينية، بينما تحاول فتاة أخرى بعد نصف قرن البحث عن وقائع الجريمة الأولى.

وتؤرخ الرواية للمعاناة الفلسطينية بدءا من التهجير في زمن النكبة وحتى المنع من التنقل بين مناطق الأراضي الفلسطينية، بحسب تقرير سابق للجزيرة نت.

Recommended For You

About the Author: admin

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *